استراتيجية دبي لقطاع العقارات 2033 تحفز التحول الشامل في سوق الاستثمار العقاري
كشفت حكومة دبي مؤخرًا عن استراتيجيتها للقطاع العقاري 2033، وهي خطة شاملة تهدف إلى دفع عجلة النمو في سوق الاستثمار العقاري في الإمارة نحو آفاق غير مسبوقة من النمو والازدهار.
ومنذ إطلاقها رسميًا من قِبل الجهات الحكومية في شهر أكتوبر، اشتملت المبادرة على مساعٍ جادة تتلخص في تعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لدبي، ورفع حجم المعاملات العقارية بنسبة 70% مقارنة بالمستويات الراهنة، وزيادة القيمة الإجمالية للسوق لتبلغ 1 تريليون درهم إماراتي (أي ما يقابل 270 مليار دولار أمريكي).
وتعكس هذه الخطة التفصيلية طموح الإمارة في ترسيخ مكانتها كإحدى الوجهات الأكثر جاذبية للاستثمار العقاري العالمي.
وفي هذا السياق، فقد حافظ سوق العقارات في دبي على تفوقه في تجاوز كافة مؤشرات الأداء السابقة خلال عام 2024. فخلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، شهدت السوق تسجيل ما يزيد عن 163,000 معاملة عقارية بقيمة تعادل 544 مليار درهم.
وفي المقابل، شهدت الإمارة تسجيل 23,791 معاملة بقيمة 54.6 مليار درهم (14.9 مليار دولار أمريكي) في شهر أكتوبر وحده، لتحرز بذلك نموًا قدره 69% و55% على الترتيب مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.
وفي كلمة ألقاها خلال إطلاق الاستراتيجية، أكّد سعادة المهندس مروان أحمد بن غليطة، المدير العام لدائرة الأراضي والأملاك بدبي، أن «هذه المبادرة تجسد رؤية دبي في ترسيخ مكانتها كأفضل مدينة عالميًا من حيث التنمية الحضرية المستدامة.»
وأضاف: «إذ نسعى من خلالها إلى تطوير قطاع عقاري لا يُساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي فحسب، بل يوفر أيضًا جودة معيشية شاملة لسكان الإمارة، والمستثمرين على حد سواء.»
رؤى طموحة تدعم النمو الاقتصادي
ترسم استراتيجية القطاع العقاري 2033 مجموعة من التطلعات والرؤى الواضحة لتعزيز معدلات النمو في القطاع، من خلال العديد من مؤشرات الأداء الرئيسية. وتهدف بحلول عام 2033 إلى مضاعفة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 73 مليار درهم، والصعود بمعدلات تملك المنازل السكنية إلى 33% من إجمالي سكان الإمارة. كما تشمل الأهداف مضاعفة القيمة الإجمالية للمحافظ العقارية إلى 20 مليار درهم – ما يمثل نموًا بواقع 20 ضعفًا – إلى جانب زيادة حجم المعاملات السنوية بنسبة 70% مقارنة بالمستويات الراهنة.
ومن جهة أخرى، تتماشى هذه الأهداف مع رؤى أجندة دبي الاقتصادية D33، التي تسعى بدورها إلى مضاعفة حجم اقتصاد الإمارة بحلول عام 2033، ومع الخطة الحضرية لدبي 2040. وترمي الاستراتيجية كذلك إلى ضمان تحقيق نمو مستدام طويل الأمد في ظل تعزيز الابتكار، ورفع مستوى الشفافية في السوق، وتعزيز الاستدامة في القطاع العقاري.
تعزيز مبادئ الشفافية والاستدامة من خلال التكنولوجيا
تماشيًا مع هذه الرؤية الطليعية، أطلقت دائرة الأراضي والأملاك بدبي (DLD) العديد من المبادرات التكنولوجية التي تسعى لتبسيط العمليات، وتعزيز تجارب العملاء، ورفع الكفاءات التشغيلية.
وفي هذا الصدد، يتألق برنامج "ريز" (REES) كأحد أبرز هذه المبادرات، حيث يستهدف ترسيخ مكانة دبي كوجهة عالمية جاذبة للاستثمار في مجال تكنولوجيا العقارات والذكاء الاصطناعي. ويحث البرنامج جهود التعاون بين رواد القطاع والمبتكرين في مجال التكنولوجيا لإيجاد حلول متطورة تعيد رسم ملامح المستقبل للقطاع.
وعليه، ستلعب التكنولوجيا دورًا بارزًا في صياغة مستقبل السوق العقاري في دبي، بدءًا من التحليلات المعززة بالذكاء الاصطناعي وصولًا إلى المنصات الرقمية التي تمهّد لإدارة فورية للنشاط العقاري. ولن تثمر هذه الابتكارات في جعل دورة النشاط العقاري – بدءًا من البحث وحتى الشراء – أكثر سلاسة فحسب، بل ستساعد أيضًا في تحقيق كفاءة لافتة من حيث التكلفة في مجالي البناء والتشغيل.
كما تتسع رقعة هذه الجهود لتتضمن أيضًا تعزيز أطر الحوكمة من خلال الاستفادة من التحليلات المتقدمة للبيانات. فيما تبرز مبادرات طموحة مثل «برنامج الشفافية والتسويق العالمي» لتزويد المستثمرين برؤى أكثر وضوحًا فيما يتعلق بتجاهات السوق وفرصه المشرقة.
الاستدامة هي محور رئيسي آخر. حيث يرمي برنامج الإسكان الميسر والاستدامة العقارية إلى تسريع نمو المجتمعات على نحو مستدام وأقل استهلاكًا للطاقة. وتسعى الإمارة في هذا السياق، إلى استقطاب الاستثمارات من أسواق تبدي اهتمامًا بالغًا بعوامل البيئة، والمجتمع، والحوكمة (ESG)، إذ تستهدف بلوغ ذلك من خلال دمج مبدأ الاستدامة في تخطيطها الحضري.
تدشين سوق يتسم بالتنوع والمرونة
وضمن قائمة يطول ذكرها، تهدف الاستراتيجية أيضًا إلى محاولة القضاء على جميع أشكال المضاربات العقارية التي قد تسفر عن تضخم جسيم في الأسعار. وأشارت بيانات حكومية رسمية إلى أنه وعلى الرغم من معدلات النمو غير المسبوقة التي تشهدها السوق العقارية في دبي، إلا أن مستوى المضاربات لم يزل تحت السيطرة إلى حد كبير، حيث لم يتخطى حاجز 20%. ويعكس هذا الاستقرار متانة الإطار التنظيمي للإمارة، والذي يحرص على الموازنة الرشيدة بين النمو وإدارة المخاطر.
ومع قدوم عام 2033، تطمح دبي إلى جذب شريحة أوسع من المستثمرين العقاريين، بما يشمل المستثمرون من الأسواق الناشئة. وفي هذه المناسبة، تؤكد الاستراتيجية على أهمية التخطيط الحضري المرن لاستيعاب الاحتياجات المتغايرة، بدءًا من المشروعات الفاخرة وصولًا إلى تطلعات الإسكان الميسر.
في نهاية المطاف، تكمن أهمية هذه الاستراتيجية في كونها تمهد الطريق للسوق العقاري في دبي للعب دور أكثر صرامة في تحقيق الرؤى الاقتصادية الأكثر شمولية للإمارة، وذلك عبر تعزيز الاستثمارات وترسيخ مكانة دبي كوجهة عالمية سبّاقة.