دبي تحقق طفرة في أدائها السياحي، معززة عوائد المستثمرين في قطاع الضيافة

تواصل السلطات في دبي جهودها لترسيخ مكانة الإمارة كقوة سياحية عالمية، مما يقود القطاع الفندقي نحو آفاق جديدة غير مسبوقة ويضعها بين أكبر وأكثر الأسواق الفندقية ديناميكية على مستوى العالم.

فخلال الشهور الستة الأولى من عام 2024، حققت الإمارة عتبة قياسية باستقبالها ما يقارب 9.31 مليون زائر دولي، ما يمثل زيادة قدرها 9% على أساس سنوي. كما ساهم هذا التدفق السياحي في بلوغ الإمارة رقمًا قياسيًا جديدًا في عدد ليالي الإقامة المشغولة بواقع 21.35 مليون ليلة، مما يعزز سمعة دبي كواحدة من أبرز الوجهات المفضلة عالميًا.

ويُعزى هذا النمو اللافت في القطاع إلى نجاح الاستثمارات الاستراتيجية في الشريحة الفندقية، والمشاريع الأيقونية مثل نخلة جميرا ووسط مدينة دبي، إلى جانب التنوع الكبير في خيارات الإقامة. علاوة على ذلك، تجذب دبي عددًا متزايدًا ومتنوعًا من الزوار من شتى أنحاء العالم، بدءًا من المسافرين الباحثين عن الرفاهية، مرورًا برجال الأعمال، ووصولًا إلى العائلات ذات الميزانيات المحدودة. هذا التنوع الفريد يرسّخ نمو القطاع، بما يميزه عن وجهات عالمية أخرى.

ومؤخرًا، أصبح قطاع الضيافة في دبي واحدًا من أكبر الأسواق عالميًا، مع اقتراب عدد النزل الفندقية من 151,000 غرفة موزعة على 823 منشأة. ولطالما اتسم هذا القطاع تحديدًا بمستويات أداء تفوق التوقعات، حتى في ظل التحديات الاقتصادية العالمية. ففي الفترة الواقعة بين عامي 2013 و2023، ارتفع عدد النزلاء في المنشآت الفندقية في دبي بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) بلغ 6.32% ليصل إلى 20.3 مليون نزيل في عام 2023.

ليتجاوز بذلك النمو في أعداد الزوار الدوليين. ويعكس هذا الأداء القوي قوة السوق السياحي المحلي في دبي وجاذبية العروض الفندقية التي تلبي مختلف الأذواق.

كما ارتفع عدد ليالي الإقامة المشغولة في الفنادق من 23.7 مليون ليلة في عام 2013 إلى 41.7 مليون ليلة في عام 2023، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 5.8%. وقد جاء هذا النمو الاستثنائي مدفوعًا بتنامي معدلات السياحة الدولية، وانتعاش حركة السياحة المحلية، وقدرة الإمارة على استضافة فعاليات عالمية كبرى، مثل إكسبو 2020 دبي، الذي كان شاهدًا على تفوق المدينة في استقطاب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم.

تنويع السياحة يقود جهود النمو

في حين بنت دبي سمعتها على تقديم تجارب ضيافة حصرية فائقة الفخامة، نجحت المدينة خلال العقد الماضي في توسيع نطاق عروضها لتشمل خيارات متوسطة التكلفة وأكثر ملاءمة للميزانية.

وقد لعب هذا التوجه دورًا حيويًا في جذب شريحة أوسع من الزوار، بدءًا من العائلات والمسافرين الفرديين، وصولًا إلى الوفود التجارية ومجموعات الأعمال المتخصصة في الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض (MICE)، حيث شهدت شريحة المنشآت الفندقية من فئة الأربع نجوم قفزة نوعية، حيث تخطت 43,500 غرفة بحلول يونيو 2024، بعد أن كانت لا تتعدى 3,434 غرفة فقط في عام 2000.

وتعكس هذه الزيادة المطردة في عدد الشقق الفندقية رؤية دبي الاستراتيجية لجذب المزيد من المسافرين بغرض الإقامة الطويلة، بما في ذلك رجال الأعمال والعائلات والمجموعات. فمنذ عام 2000، ارتفع عدد الشقق الفندقية الفاخرة من 3,261 شقة فقط إلى ما يقارب 14,000 شقة بنهاية عام 2024، بينما تضاعف عدد الشقق الفندقية العادية بواقع أربعة أضعاف.

تفوق الطلب على الغرف الفندقية رغم فائض المعروض

أثبتت دبي مؤخرًا قدرتها الفذة في تحقيق توازن دقيق بين النمو المطرد في المعروض من الغرف الفندقية والطلب القوي عليها، وهو ما كان عاملًا حاسمًا في تفوق الإمارة. فعلى الرغم من زيادة المعروض بنسبة 17% منذ عام 2019، ظلت معدلات الإشغال الفندقي في دبي مستقرة، حيث تراوحت بين 77% و82% على مدار العقد الماضي.

وخلال النصف الأول من عام 2024، وصلت معدلات الإشغال إلى 78.7%، مقارنة بـ 77.7% خلال الفترة ذاتها من العام السابق، متجاوزة مستويات ما قبل الجائحة التي بلغت 75.6% في النصف الأول من 2019. ويحتل القطاع مكانة بارزة بين أفضل القطاعات العالمية أداءً من حيث الإيرادات لكل غرفة متاحة (RevPAR)، حيث ارتفعت هذه الإيرادات إلى 439 درهمًا خلال النصف الأول من عام 2024، بنمو قدره 6% مقارنة بالشهور الستة الأولى من عام 2023، وبزيادة نسبتها 31% مقارنة بمستويات 2019.

كما ارتفع متوسط مدة إقامة النزلاء من 3.5 ليالٍ في عام 2019 إلى 3.7 ليالٍ في عام 2023. ويعكس هذا الاتجاه الجاذبية الاستثنائية لدبي كوجهة رئيسية للسياحة والأعمال، حيث يفضل الزوار البقاء لفترة أطول للاستمتاع بما تقدمه المدينة من تجارب فريدة ومتنوعة.

خطط التوسع المستقبلي

من المتوقع أن يتجاوز عدد الغرف الفندقية في دبي 157,000 غرفة مع نهاية عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 2%، وذلك وفقًا لبيانات دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي (DET). حيث سيتركز جزء كبير من هذا النمو على قطاعات الضيافة ذات الجودة المتوسطة والمنشآت الخدماتية الفاخرة ذات الأسعار المعقولة.

وبحسب البيانات، فمن المتوقع أيضًا أن يشهد عدد الغرف الفندقية من فئة الأربع نجوم نموًا سنويًا مركبًا قدره 4% لترتفع من 43,283 غرفة في عام 2023 إلى 46,645 غرفة بحلول عام 2025. وبالمثل، تُقدر الأرقام الرسمية ازدياد عدد الشقق الفندقية الفاخرة والفارهة من 13,842 شقة في عام 2023 إلى 14,887 شقة بحلول عام 2025، مما يعكس الطلب المتزايد على خيارات الإقامة الأكثر مرونة.

في الوقت نفسه، سيشهد قطاع الخمس نجوم نموًا مستقرًا، إذ من المحتمل زيادة عدد الغرف الفندقية من 51,809 غرفة في عام 2023 إلى 53,771 غرفة بحلول عام 2025. وستقود مشروعات التطوير الأيقونية الجديدة، مثل تلك الموجودة في نخلة جميرا ووسط مدينة دبي، هذا التوسع، مما يضمن حفاظ دبي على جاذبيتها كوجهة مفضلة للمسافرين الباحثين عن الرفاهية.

قطاع السياحة والضيافة يبدي التزامًا راسخًا بمفاهيم التنمية المستدامة

تستند الرؤية الطموحة لدبي في قطاع السياحة، والمستمدة من أجندة دبي الاقتصادية D33 والخطة الحضرية 2040 لدبي، على تطوير مستدام يوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.

وتطرح الخطة الحضرية 2040 رؤية تحوّلية للإمارة، حيث ستشمل زيادة رقعة المساحات الخضراء والمناطق الترفيهية لتمثل 60% من البيئة الحضرية للمدينة بحلول عام 2040. كما تهدف الاستراتيجية إلى زيادة المساحة المخصصة للفنادق والأنشطة السياحية بنسبة 134% مقارنة بعام 2021، مما يعكس التزام دبي بالاستثمار في البنية التحتية لقطاع الضيافة.

ويستعد قطاع الضيافة في دبي لمواصلة مساره الصاعد مدعومًا بالنمو القياسي الذي حققته حركة السياحة في عام 2024 والخطط الطموحة للأعوام القادمة. في الواقع، يعزز هذا التقدم مكانة دبي الريادية في مجالي السياحة والضيافة على مستوى العالم، ويضعها في طليعة الوجهات العالمية التي تحقق التوازن بين الابتكار، التميز، والاستدامة.